لوكاندة بير الوطاويط.. عودة النذل

0

 



لوكاندة بير الوطاويط.. عودة النذل



عندما علمت خبر صدور رواية قريبة لـ(أحمد مراد) تملكتني مشاعر متضاربة، هل أسعد بهذا الخبر كوني على وشك قراءة عمل فني جديد لأحد أعتى الكتاب المصريين في الآونة الأخيرة، أم أتجاهل الموقف نظرًا لأن آخر أعمال أحمد مراد الأدبية لم تكن بالجودة المعتادة منه، من (الأصليين) لـ(موسم صيد الغزلان) وصولًا إلى (الفيل الأزرق 2) كلها جاءت مخيبة للآمال بعد بداية ساحقة في (فيرتيجو) و(تراب الماس) و(الفيل الأزرق)، نحن أمام كاتب موهوب لا اختلاف على ذلك ولكن المهارة القصصية عنده لم تعد كما كانت في السابق، هناك العديد من الفنانين بدأوا حياتهم بأعمال فنية عظيمة ولكن لم يستمروا على نفس المنوال، فالوصول للقمة عسير ولكن الحفاظ عليها من المستحيلات، ولكني قررت الاحتفاء بالخبر في النهاية، فقد قضيت فترات سعيدة وسط صفحات مراد تجعله من المفضلين عندي بالرغم من كل شيء.

 

المراجعات الأولى كانت سيئة لدرجة يصعب تصديقها، عندما تجد هذا الكم من تقييمات النجمة الواحدة على Goodreads بدون أي أسباب من المراجعين جعل الأمر يبدو كيدي أكثر منه واقعي، أو أن الرواية مسّت بعض الخطوط الحمراء التي جعلت القراء يستشيطون غضبًا بدلًا من التمعن والاستمتاع بالمهارة الأدبية، ومراد دومًا يفعل ذلك خصوصًا في تابو الجنس الذي يقتحمه دون استئداء ويترك الكثير من المبغضين، شعرت بأن الأمر مختلف، لا إجماع على جودتها أو سوئها، كلمة واحدة ظلت تتردد دومًا بأنها مختلفة، هي ليست كأي شيء كتبه مراد من قبل، الكثير شعر بالاستمتاع في عالم الرواية بالفعل وأنا أعلم يقينًا قدرة مراد على خلق العالم الأدبي وجعل القارئ يغوص بداخله دون عناء، لذلك تأكدت بأن التقييمات السلبية مُحبة للاختلاف فحسب ولا أساس لاعتراضهم وهذا ما جعلني أتحرق شوقًا للبدء في الرواية.

 

فور دخولك عالم (سليمان السيوفي) بطل الرواية فأنت تدخل عالمًا يحفه الغموض من كل جانب، الزمان غريب والمكان أغرب في لوكاندة بير الوطاويط، شخصية معقدة مختلة تجعلك تتشكك دومًا في حقيقة ما يقصه عليك خاصًة وأن الرواية جاءت على هيئة مذكرات من جانب واحد وهو جانب البطل، وذلك يجعل من المستحيل التأكد لأننا لا نسمع الجانب الآخر من القصة لذلك علينا الثقة في سليمان وفيما يقصه علينا مهما كان عجيبًا. إذا استمتعت يومًا بقصص شيرلوك هولمز المتحري الشهير الذي يلجأ لحيل وألاعيب ماكرة لاستنتاج اجاباته ستحب حتمًا سليمان، فهو كشيرلوك إذا أضفنا إليه بعضًا من الاختلال النفسي وربما العقلي كذلك، في رواية تدور أثناء حكم الخديوي اسماعيل مع لوكاندة بير الوطاويط بدلًا من الشقة 221B.

 

بدون الدخول في أي من التفاصيل التي قد تتسبب في حرق أي أحداث من القصة، الرواية بشكل عام ممتعة لدرجة ستجعل تركها من يدك بدون الانتهاء منها يعد انجازًا، تُدخلك من أول صفحة في الاحداث وتتركك في نهايتها فاغرًا فمك حاكًا رأسك غير قادر على تصديق ما قرأته للتو. الدعاية والتصميمات كانت عظيمة وفي محلها للغاية بغض النظر عن الغلاف المتواضع الذي جاء سيئا عكس باقي التصميمات، أنصح بها لكل من فوق سن الرشد نظرًا لاحتوائها على بعض الألفاظ والمشاهد التي قد لا تناسب بعض الفئات العمرية.

 

التقييم العام للرواية 8.5 | 10.


إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)