أصحاب ولا أعز.. لما كل هذا الجدل؟

0

   




أصحاب ولا أعز.. لما كل هذا الجدل؟


يوم 20 يناير الماضي صدر إلينا أول أفلام Netflix للشرق الأوسط، هذا الفيلم جاء بعد عدة أعمال درامية مخيبة لم ترضي متابعي المنصة الأكبر عالميًا من حيث عدد المستخدمين، البداية كانت عدة أخبار متفرقة ثم صدور البوستر والاسم الرسمي وهو (أصحاب ولا أعز)، مع التوضيح بأنه النسخة العربية من الفيلم الإيطالي الشهير (Perfetti sconosciuti) الصادر عام 2016، طاقم العمل يضم ممثلين ومنتجين من جميع أنحاء الوطن العربي وأحداث الفيلم تقع غالبًا في لبنان، يشارك في الفيلم من مصر الممثلة (منى زكي) والمنتج (محمد حفظي) بالإضافة للممثل (إياد نصار) فعلى الرغم من أنه ممثل أردني بالأصل ولكن دوره في الفيلم ولكنته كلاهما مصريان.



فكرة "تعريب" الأفلام الأجنبية ليست جديدة ولا تحدث لأول مرة هنا، فالعديد من الأفلام العربية والمصرية بُنيت على أفكار مشابهه أجنبية، منها ما نجح وظل في وعينا الجمعي كتراث عربي ومنها ما فشل ولم يستسيغه الكثيرون، أسباب النجاح في رأيي تأتي من طريقة التعريب نفسها، فيجب على صناع العمل الاستلهام من الأصل مع إضافة لمستهم الفنية الخاصة، حتى يصبح الأمر في كنهه جديدًا وليس تقليدًا أعمى. أذكر دومًا عندما أتحدث عن الاقتباس الفيلم الكوميدي الشهير (طير انت)، صُناع العمل ذكروا في بداية الفيلم أنه النسخة المصرية من فيلم (Bedazzled)، من شاهد الفيلمين سيرى تشابه كبير في الفكرة الرئيسية بالفعل ولكن الأحداث والشخصيات وحتى النهاية جاءت مغايرة تمامًا مما يجعلك تستمتع بالفيلمين دون الشعور بأن أحدهما يقلد الآخر، العديد من صناع الأفلام يستلهمون من أعمال أخرى داخل أعمالهم طوال الوقت، سواء كان في القصة أو الإخراج أو حتى شخصيات بعينها، مخرج شهير مثل (كوينتن تارنتينو) يتحدث دومًا بأنه يستلهم العديد من أفكاره من أفلام سابقة مغمورة، ليس في الأمر أي تقليد بشرط أن يكن الفيلم النهائي مختلفًا عما تم الاستلهام منه.


فيلم (غرباء مثاليون) تم إنتاجه أولًا في إيطاليا عام 2016 ومن ثم إسبانيا في 2017 وبعدها عدة دول حتى وصلنا في 2022، عن نفسي لم أشاهد سوى النسخة الإيطالية ووجدت الفيلمين متطابقين من حيث الشخصيات والأحداث والكادرات السينمائية، لا أدري لما تكبد صناع الفيلم عناء إنتاج نسخة جديدة بل كان من الأفضل "دبلجة" النسخة الأصلية فحسب، الأزمة هنا لا تتعلق بالأفكار المُناقشة في الفيلم ولكنها تتعلق بأصالتها، كل من شاهد النسخة الأصلية يعلم بأن النسخة العربية حاولت قدر الإمكان مراعاة مجتمعاتها ولكن النقل الحرفي يلغي تمامًا أي رؤية إخراجية في الفيلم مما يجعله طفلًا مشوهًا خليفة مخرجين أحدهما إيطالي والآخر لبناني.





وإحقاقًا للحق الفكرة في ذاتها تستحق المشاهدة بالفعل، هي ببساطة عن مجموعة من أصدقاء العمر يجتمعون سويًا ليلة خسوف قمري، ويتفقون على لعبة ليمارسوها في ليلتهم وهي أن أي رسالة أو مكالمة تأتي لأي شخص فيهم يجب عليه أن يقرؤها أمام الجميع، على اعتبار أن ليس لدى أي أحد منهم شيئًا ليخفيه عن الآخرين ولكن الحقيقة بالطبع عكس ذلك وهذا ما تُظهره الأحداث. نوع الأفلام الذي تحدث كل أحداثه في مكان واحد يجب أن يُدار اخراجيًا بطريقة مختلفة عن أي فيلم آخر، لا وجود هنا لأماكن تصوير شيقة تخطف الأنظار ولا لأحداث ملفتة تعلق بالذهن، فقط مجموعة من الممثلين في نفس المكان لمدة تقترب من ساعتين، والحقيقة أن كتابة الفيلم ومعالجته الإخراجية جاءت ممتازة وستدفعك لمشاهدته في جلسة واحدة دون ملل، ربما لهذا السبب أراد مخرج النسخة العربية الحفاظ على هذا النسق وعدم المخاطرة بتغييره وهذا على حد علمي ما فعله مخرجو النسخ الأخرى ولكن في رأيي الشخصي كان يجب المخاطرة بذلك قليلًا.



بسبب وحدة المكان وطبيعة الأحداث يجب على الطاقم التمثيلي في تلك الأفلام أن يقدم أداءً مثيرًا طوال فترة الفيلم، لو شعر المشاهد بأن هناك من هو ليس على القدر الكافي سيمل من الفيلم برمته لأن تلك الشخصية مستمرة معه حتى النهاية وفي هذا الفيلم كان اختيار طاقم التمثيل جيدًا بحق، على الرغم من التركيبة الغريبة التي لم تشارك بعضها التمثيل من قبل لكننا شعرنا أننا أمام تُحف أدائية من المعظم، الشيء السلبي الوحيد هو أنك لن تشعر بصداقة هؤلاء الأشخاص منذ البداية، هؤلاء بدئوا غرباء وانتهوا كذلك ولم يكونوا أبدًا أصدقاء، على الرغم أنه من المفترض أن نشعر بالتجانس بينهم لكننا من المشهد الأول للتجمع لم نجد سوى التوجس بطلًا للحوار.


يجب علي أيضًا أن أُثني على الموسيقى التصويرية لـ(خالد مزنر) والتي كانت بطلًا خفيًا في معظم المشاهد واستخدامها من المخرج كان في محله بدون الإفراط أو التقليل، في النهاية هو تجربة جديدة على عالمنا السينمائي وتستحق المشاهدة بكل تأكيد.


ملحوظة: التصنيف العمري للعمل الفني +16 من Netflix.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)