Squid Game.. حديث العالم بأسره

0

  




Squid Game.. حديث العالم بأسره


منذ عدة أيام وصل إلينا أحدث إنتاجات Netflix الدرامية الكورية وهو مسلسل لعبة الحبار (Squid Game).. المسلسل على الفور حظى بشهرة كبيرة جعلته واحدًا من أنجح مسلسلات الشركة على الإطلاق مما جعل الرئيس التنفيذي يُصرح بأن العرض على وشك أن يصبح الأنجح على الإطلاق بعد أن أصبح الأكثر مشاهدة في أكثر من 90 دولة حول العالم.. الجدير بالذكر أن سيناريو العمل مكتوب منذ حوالي 10 سنوات ولم تتجرأ اي شركة لإنتاجه حتى أقدمت Netflix على المخاطرة التي جلبت لها عديد المزايا في المقابل.. العمل بذاته ليس أول عمل درامي ناجح للشركة ولكنه الأول في الإنتشار بهذا القدر الرهيب في تلك المدة القصيرة.. ناهيك عن أنه إنتاج أصلي لـNetflix من أول مواسمه عكس مثلًا Black Mirror و La Casa De Papel اللذان بدءا لشركات أخرى وتولت Netflix الإنتاج من مواسم لاحقة.. فما سبب الشهرة الواسعة التي حصل عليها المسلسل وهل يستحق بالفعل كل تلك الضجة؟ هذا ما سنحاول معرفته في هذا المقال.


في البداية دعني أخبرك بأننا نعيش ربما في اسوأ فترة للأعمال الدرامية منذ فترة طويلة.. السينمات عادت للظهور وكل الإنتاجات السينمائية التي كانت تنتظر انتهاء الإجراءات الإحترازية قد تم الإفراج عنها.. مما جعل الإنتاجات الدرامية شحيحة نوعًا ما.. كلها تعتمد إما على تكملة لقصة سابقة كأعمال Disney+ و Marvel مثلًا وإما هي فقط مواسم مكملة لنفس العمل الفني.. ناهيك عن فوضى مواقع المشاهدة التي كثرت بشدة وتسعى لجذب مستخدمين أكثر وبشكل مادي الأفلام أكثر توفيرًا من المسلسلات لذلك يلجأ العديد منهم إما لقصة مضمون نجاحها مسبقًا مثل تحويل The Lord of The Rings لعمل درامي أو اشتقاق أعمال من أعمال معروفة مثل The House of the Dragon المستوحى من الأسطورة Game of Thrones.. هناك عدد من الأعمال الأصلية التي بدأت في الفترة الحالية ولكنها كانت دون المستوى.. كل ذلك جعل بدء عمل درامي من الصفر قرار من الصعب حدوثه في الفترة الحالية.. ولكن الجمهور أبدى استعداده لعمل من ذلك النوع وظهر ذلك في مشاهدات The Squid Game.. فاختيار توقيت إصدار العمل وتعطش الجمهور لعمل درامي جديد دون الحاجة لمشاهدة أي اجزاء أو قصص سابقة كان أول خطوة لنجاح هذا العمل فربما لو تم إصداره في فترة مزدحمة لما حصل على نفس هذا الزخم.


ثانيًا دعني اسألك سؤالًا.. كم عمل فني (أمريكي) شاهدته قامت فيه عصابة بالسطو على مؤسسة ضخمة والهرب بالأموال؟ ستخبرني أنك شاهدت العديد من الأعمال سواء كانت مسلسلات أو أفلام وربما لو أنتجنا عملًا أمريكيًا جديدًا لما سيلاقي الحماس الذي لاقاه La Casa De Papel ببساطة لأنه أسباني.. فالعمل الفني لا يتعلق بالأحداث فحسب بل أن اللغة وثقافة الدولة التي يدور بها العمل تلعب دورًا مهما في شهرته.. أعرف العديد ممن شاهدوا فيلم (جحيم في الهند) شاهدوه فقط لأنهم يحبون الهند وثقافتها.. لو أن الفيلم تم تصويره بنفس الطاقم في دولة أخرى لما حصل على هذا الإعجاب.. شئنا أم أبينا نحن نعشق غير المعتاد.. الأعمال الناطقة بالإنجليزية لم تعد جذابة كما كانت ولعل فوز Parasite بالأوسكار كأول فيلم غير ناطق بالإنجليزية يحصل على جائزة أفضل فيلم وترشح Roma في العام السابق دليلين على كلامي.. Parasite عمل جيد في ذاته لا ننكر ذلك وSquid Game أيضًا.. لا أقول هنا أننا أمام تحيّز للمنتج الغير أمريكي ولكني أرى في الجمهور انفتاحًا للثقافات الأخرى لم يكن موجودًا من قبل.. ناهيك عن أن المسلسل نفسه به العديد من الألعاب والأحداث المستوحاه من الثقافة الكورية والتي وصلت إلى العالم بأكمله بسبب العمل.


ثالثًا سواء كنت محب نهم للسينما العالمية أو قارئ شره للروايات فأنت بالتأكيد سمعت عن ثلاثية The Hunger Games التي تحولت لأربع أفلام بداية من عام 2012.. لو كنت تعيش داخل كهف أو تحت صخرة فدعني أخبرك بأنها تتحدث عن واقع مستقبلي ديستوبي به لعبة تحدث كل عام يشارك بها فتى وفتاة من كل مقاطعة.. هدف اللعبة الرئيسي هو قتل كافة اللاعبين حتى تصبح أنت الفائز الوحيد.. فكرة قريبة جدًا من فكرة مسلسلنا اليوم ودعني أخبرك بأنها أيضًا فكرة ألعاب كثيرة مثل PUBG وFortnite وغيرهما الكثير مما ظهر بنفس الفكرة بعد الثلاثية.. أيضًا هل رأيت زي الجنود القرنفلي وغطاء الرأس الأسود؟ هل تعرف ماذا يشبه؟ بالظبط انه يشبه كثيرًا زي La Casa De Papel الذي نال بسببه شهرة واسعة.. فنحن هنا أمام عمل بالرغم من أصالته كما ذكرنا آنفًا إلا أنه يحاكي تجارب سابقة خضناها وأحببناها من قبل وعلى نفس المنصة أيضًا.. التشابه الشديد ولو أنه تشابه شكلي فحسب بين العمل وبين أعمال سابقة ناجحة ما زاده إلا نجاحًا وما زادنًا إلا فضولًا لرؤيته.. لا عجب بأن العالم كله ممتلئ بذلك الزي والقناع ففي عقلنا الباطن قد ربط العملين ببعضهما واستمد شهرته من شهرة أخرى موجودة داخلنا.. لو ظهر Squid Game قبل La Casa De Papel لربما لن ننجذب إليه كما حدث هنا.




كل تلك العوامل السابقة ما هي إلا عوامل جانبية خفية بعيدة عن العمل الفني.. هي عوامل تجعلك متشوقًا لرؤيته وربما تدفعك للبدء في أول حلقة.. وكم من أعمال أتيحت لها تلك الفرصة ولكنها لم تحظى بالإهتمام لاستكمال العمل.. في بالي مسلسل (ما وراء الطبيعة) على سبيل المثال.. حظى بشهرة قبل عرضه لم يحظى بها أي مسلسل مصري من قبل ولكن سوء العمل نفسه حال دون استمرار تلك الشهرة.. ما جعلنا نستمر في العمل هو تعاقب الأحداث السريع الذي عرفّنا بالأشخاص الرئيسية وبدأ الألعاب كل ذلك في أول حلقة فحسب.. مماثل في طريقة سرده لطريقة الموسم الأول من La Casa De Papel.. لا وقت للتحضير والملل دعنا ندخل في الأحداث سريعًا.. تعاقب الأحداث السريع والتطور الهائل في الحلقات الأولى جعلنا متشوقين لمعرفة ما يمكن أن يحدث مستقبلًا.. معظم الأعمال الدرامية تخطأ بإنها إما تُدخلك في الأحداث بشكل سريع للغاية فلا تدرك الأشخاص ولا لما عليك أن تهتم بهم أو تتعاطف معهم لذلك أنت لا تهتم فحسب.. وهناك أعمال تأخذ كامل وقتها في شرح الأشخاص والتمهيد مما يجعلك تُحبط من العمل قبل أن تستكمله.. في الحالتين لن تقوى على استكمال العمل على عكس حالتنا هنا.. قد اعطاك شرح سريع للبطل جعلك تتعلق به ثم دخل فورًا في الأحداث وراح يُعطيك شرحًا مختلطًا بالأحداث كلما مر الوقت في خلطة ذكية جعلتنا نُسرع بإستكمال الحلقات.


دعنا نتفق مبدأيًا أننا كلنا ننحدر من إنسان الكهف البدائي الذي اعتاد اصطياد فرائسه بنفسه وتمزيقها كل يوم.. بعضنا أضحى مزارعًا هادئًا لا يرغب في أي إثارة بيومه ولكن معظمنا يضرب الأدرينالين قلبه عند رؤية الإثارة مصحوبة بالدماء.. لا نعلم سبب تلك النزعة الشيطانية ولكنها بداخل معظمنا شئنا أم أبينا.. واقعنا الساكن الهادئ جعل من المشاهد العنيفة رغبة ملحة.. هذا ربما يكون من أسباب إعجابنا الشديد بهذا العمل.. ناهيك عن طرق القتل الخلّاقة.. شخصيًا كنت أتابع كل جزء يُصدر من أجزاء Saw فقط لمشاهدة إبداعاته في قتل ضحاياه.. على الرغم من كوني شخصيًا أعاني فوبيا عند رؤية الدماء ولكن طريقة القتل الخلاقة لابد من رفع القبعة لها.. تلك الدموية أضافت للعمل مثلمًا أضافت لأعمال أخرى من قبل الكثير.




بالإضافة لما سلف ذكره فالموسيقى التصويرية والكادرات العبقرية سببان كبيران من أسباب نجاح هذا العمل.. قليلًا ما تجد عملًا له الإيسام البصري الخاص به (Branding) من وضع الأشكال البسيطة الخاصة باللعبة (الدائرة والمربع والمثلث) في كافة أرجاء المكان.. بعيدًا عن أن تلك الأشكال لا تتكرر إطلاقًا خارج اللعبة.. الأماكن المميزة والألوان البارزة في الغرف وأماكن اللعب جعلت المكان مثيرًا بشكل يدفعك لمعرفة المزيد عن هذا العالم.. كذلك الموسيقى المصاحبة والتي نادرًا ما كانت تخطئ في سرد الأحداث المحيطة وتكرارها خلال الألعاب والمواقف المتفرقة يجعل لك القدرة على استشعار الخطر القادم.


الكتابة كانت جيدة للشخصيات ومثيرة للأحداث والألعاب.. هناك حلقة بعينها أكاد أُجزم أن الجميع صُعق من نتيجتها وذلك دليل على حسن الكتابة التي جعلتك تتفاجئ بحق من حدوث شيء كهذا.. ولكني شخصيًا لم يُعجبني كثيرًا تطوّر بعض الأحداث لبعض الشخصيات في المسلسل.. على سبيل المثال تتابع أحداث الضابط بأكمله وجدته غير منطقيًا منذ بدايته.. ونهاية العمل نفسه وجدتها غير لطيفة وتدل على تسرع شديد ربما جاء بسبب رغبتهم في فتح الباب أمام صناعة جزءٍ ثانٍ من العمل مما جعلهم يغيروا بعض الشيء في الأحداث النهائية.. العمل بأكمله مازال مبهمًا ولا يزال هناك العديد من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها ولكننا نتمنى أن يتم الإجابة عنها في الأجزاء التالية.. في النهاية هو عمل جيد ويستحق الضجة التي حدثت بسببه ولكن هل يستحق أن يُصبح من أفضل الأعمال في التاريخ؟ اعتقد انه من غير المعقول قول هذا.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)