صندوق الدنيا.. ما الذي حدث؟

0

  





صندوق الدنيا.. ما الذي حدث؟


دعني أقص عليك قصة وأخبرني لو ان تلك القصة تبدو مألوفة لك.. أنت تسير في شوارع العاصمة في منطقة مزدحمة ولتكن (وسط البلد).. تسير في طريقك غير مكترث بأحد ولكنك ترى شخص يبدو مألوفًا. هو الآخر يبدو أنه يرى فيك شخصًا عزيزًا.. تتبادلان النظرات ويمضي كل منكما في طريقه ولن تريا بعضكما مجددًا.. تظل تتساءل باقي اليوم عن كنه الشخص ووظيفته وعمره وماذا يعمل؟ تفتش في ذاكرتك مستعيذا تلك الثانية التي تلاقت فيها أعينكما عن اجوبة لتلك التساؤلات لكنك لا تجد.. يبدأ عقلك في نسج تلك الإجابات من داخله.. لقد كان مرتديًا جلباب فلابد وأنه من صعيد مصر جاء إلى هنا عن طريق الصدفة.. ربما فتحت له الدنيا ذراعيها وأصبح عارفًا لمفاتيح المدينة لكنه ظل محتفظًا بتراثه القديم.. البؤس البادي على وجهه ربما بسبب زوجته التي فقدها منذ اسبوع ويفتقدها حتى الموت.. ربما خسر معظم أمواله في تجارته وهو يفكر جديًا في الانتحار.. سرعته في المشي توحي بقرار متردد فيه لذلك تسبق خطواته تفكيره.. ربما يريد اللحاق بابنه قبل أن يصبح مصيره مثل مصير والدته.. ربما الدائنون يسعون خلفه بحثًا عن نقودهم فهرب هو بحثًا عن حياته.. قصص وسيناريوهات عديدة يمكن أن ينسجها خيالك من ثانية واحدة رأيتها.. مخادع حقًا هذا العقل.


فيلمنا اليوم يقص عدد من القصص في قالب واحد كبير وهو المدينة.. عدد من الأشخاص مختلفي الهويات والأبعاد الثقافية يجتمعوا في مواقف مختلفة لا مشترك بينها سوى أنها تحدث في أماكن قريبة من بعضها جغرافيًا.. هنا الأب الذي ضاع ابنه وسط الزحام وسط حسرة قلبه عليه.. وهناك الممثلة التي تبيع جسدها بحثًا عن عودة منشودة للأضواء.. وهنا الشابة التي مر عمرها دون زواج فرضيت بأقل القليل لإرضاء غريزة الأمومة بداخلها.. هنا الشاب الفقير الذي يعيش فوق أسطح البنايات ويقتاد من أعماله في السيرك.. وهناك الشاب المجرم الذي لن يمنعه أي شخص من الحصول على ما يريده.. تركيبات شخصية عديدة ستتوه معها داخل هذا العمل.





الإخراج هو علامة الاستفهام الكبيرة في هذا العمل.. لقد تفرقنا في عدة طرق ولكننا لم ننهي معظمها بالرغم من قصر مدة الفيلم (حوالي ساعة و25 دقيقة فقط) فلماذا لم تطنب وتنهي تلك القصص نهاية تليق بها؟ لماذا أطنبت في عدد من المشاهد وأظهرت لنا بعض التفاصيل الشخصية ونحن في كل الغنى عنها.. بينما النهاية كانت تطلب التفاصيل وأنت لم تلبي طلبها.. القصة عبارة عن بداية ووسط ونهاية هذا شيء نعلمه جميعًا.. هناك قصص مرت بالثلاث مراحل وهي قصص لا مشكلة معها.. وهناك قصص رأينا بدايتها فقط أو حتى بدايتها ووسطها دون نهاية فلماذا حدث هذا؟ بالرغم من خبرة المخرج الكبيرة فقد عمل سابقًا مع عدد من الأسماء اللامعة مثل (يوسف شاهين).. (يسري نصر الله) و(داوود عبد السيد).. ولكنه مبتعد عن المجال منذ فيلم (البلياتشو) الذي صدر عام 2007 فربما فقد مهارته خلال 13 عام ولكني أثق بأنه سيستعيدها مجددًا في أعمال أخرى فالمهارة موجودة لكن الطبخة كلها افتقدت القليل من الملح هنا ليس إلا.


بالرغم من ذكري لمشاكل العمل إلا أنه يستحق المشاهدة بعيدًا عن معظم الأفلام الكوميدية المُسفة في تلك الفترة من السينما المصرية.. لقد واجة صعوبات غلق دور العرض بسبب انتشار فيروس كورونا ووصل إلى أكثر من مليون جنية إيرادات في فترة صعبة للغاية فهذا يعد نجاح كبير.


إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)