شيكاجو.. نفس القصة بنفس الطريقة

0



شيكاجو.. نفس القصة بنفس الطريقة

لقد قرأت من قبل للدكتور علاء الأسواني روايتي (عمارة يعقوبيان) و(نادي السيارات) والآن جاء دور تلك الرواية، لقد أحببت الأسلوب الجريء السلس وميزة مزج شخصيات مختلفة من بيئات مختلفة في وسط واحد ليصبح هو بطل الرواية بعيدًا عن الأشخاص، ولكن عندما يتكرر نفس الأسلوب بنفس الطريقة لثالث مرة فهنا يجب أن نقف، ليست مشكلتي في الأسلوب فحسب ولكن لأن تكراره هنا أصبح بلا معنى، فكلنا عشقنا جمع كل أنماط المجتمع المصري في (عمارة يعقوبيان) وكيف أنهم جميعًا يذوبون في بعضهم في النهاية حتى أصبحت (عمارة يعقوبيان) هي رمز خفي لوطننا الذي مرت عليه العديد من فترات القوة والضعف حتى وصل لحاله الآن.

وأيضًا فكرة جعل المكان هو البطل كانت قوية في (نادي السيارات) حيث انقسم الجميع داخل النادي ما بين مصريين يعانون شتى أنواع الاضطهاد داخل النادي وأجانب ينعمون بكامل الرفاهية، عنصرية واقعية تحدث وسط موافقة كوادر الدولة المصرية عليها، جعل ذلك أيضًا النادي يرمز للوطن ككل الذي أصبحنا نُعامل كالعبيد فيه وسط أصحاب السلطة الذين يلقون معاملة الملوك.

ولكن في روايتنا اليوم لم نجد أيًا مما سبق، فالأحداث جميعها تحدث في مدينة (شيكاجو) الأمريكية والتي إذا تمعنت في النظر ستجد أنها لا ترمز لشيء في النهاية، فهي مدينة أمريكية فحسب، وإذا نظرنا للأشخاص سنجد أن جميعهم أطباء على درجات مختلفة (ما عدا شخص واحد تقريبًا) وكلهم إما أستاذة ذوي ظروف معيشية عالية أو طلبة غير ميسوري الحال، إذًا فلا تنوع شديد في الشخصيات سوى في طباعهم والتي قد تتشابه أيضًا من شخصية لأخرى، فعلى سبيل المثال (زينب) و(ناجي) و(جراهام) لديهم جميعًا نفس الشخصية الثورية التي قد تقم بأي شيء حتى تنهض بوطنها، تشابه غريب في الشخصيات نتج عنه صعوبة التفرقة بينهما طوال أحداث الرواية، فأنا حتى بعدما انهيتها أجد صعوبة في تذكر من قام بماذا نتيجة تقارب الشخصيات الشديد.

المبالغة في وصف الجنس هي مأساة أخرى في تلك الرواية، لطالما تعودنا على هذا الوصف الجريء من د. علاء في كتابات سابقة ولكن تلك المرة كان مبالغًا فيه وغير مبرر للغاية، فذهاب امرأة -غير رئيسية في القصة- لشراء لعبة جنسية لا يجب أن يأخذ هذا القدر من السرد! ثلاث صفحات كاملة تصف الرحلة لم تفد القصة العامة بشيء ولم تضيف لنا أي شيء! فقط تقززنا ولا شيء أكثر من ذلك، أن يكن هناك بعض الأشخاص الشهوانية شيء وارد فلكل شخصية بُعد شهواني يتم تقريره بناءً على أبعاد الشخصية الأخرى (الجسدي – النفسي – الاجتماعي)، ولكن أن يكن الحضور الشهواني قويًا لكل أبطال الرواية فهذا فقط شيء مقزز، يجعلنا نفكر في ضرورة كل تلك المشاهد الإباحية بالنسبة للمسار الدرامي للرواية، أم هي فقط لجذب القراء؟!

نهاية الرواية كانت كأن تطبخ لنفسك وجبة لذيذة ثم تلقي بها كلها في القمامة! نهاية مبتورة بائسة لدرجة تجعلك تعتقد أنه قام بها فقط ليلحق بميعاد تسليم الرواية للطبع! فالنهاية لم تلق بأي شكل بالقصة المحبوكة بشكل جيد بنسبة كبيرة، فكل شخصية تطورت وتغيرت وتفاعلت مع غيرها خلال الرواية حتى أنتهى كل شيء بسرعة غامضة! لا أدري هل كان هدف الكاتب أن يخبرنا أن جميعهم ضلوا في أرض الفرص حتى يخبرنا أنها حقًا ليست بأرض الفرص! أم هو فقط أراد إنهاء القصة بطريقة "ثم مات الناس جميعًا"؟؟!

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)