Black Swan.. وهم الكمال

0


Black Swan.. وهم الكمال


"سنفتتح الموسم بعرض (بحيرة البجع)، أعلم أنه بات مبتذلًا، ولكن ليس تلك المرة، سنجرده ونجعله عميقًا وواقعيًا"

هذه الجمل قالها توماس ليروي مخرج البالية لفنانيه ليصف خططهم للموسم الجديد، وأيضًا هذا ما فعله المخرج دارين آرونوفسكي في هذا الفيلم، فما هو إلا تجسيد لقصة (بحيرة البجع) الكلاسيكية ولكن بلمسة واقعية حديثة، لنبدأ يجب أن أتكلم أن القصة المذكورة في الفيلم تختلف اختلافا بسيطًا عن القصة الأصلية لتشايكوفسكي والتي يمكن سماعها من هنا، فالقصة تحكي عن فتاة تدعى أوديت أوقع ساحر شرير يدعى فون روتبات عليها لعنة جعلتها تتحول لبجعة، وكان عيد ميلاد الأمير سيجفريد الذي أخبرته أمه أنه يجب أن يتزوج وستقيم له حفل في اليوم التالي لاختيار العروس، يذهب سيجفريد للصيد مع اصدقاؤه في المساء فيجد أوديت ويقع في حبها وتخبره بمأساتها وأنه يجب أن يحبها أحد حبًا حقيقيًا حتى تتخلص من اللعنة فيخبرها أن تأتي للحفل اليوم التالي حتى يختارها زوجته، يسمع الساحر بهذا الخبر فيلقي بتعويذه على ابنته أوديل حتى تشبهها وتذهب للحفل بدلًا منها، يُعجب الأمير بأوديل ظنًا منه أنها أوديت ويصارحها بحبه، ترى أوديت هذا الموقف فتهرب ثم يرها الأمير ويدرك خطأه فيلحق بها، يحاول الساحر منعه فيحاربه الأمير ويتغلب عليه ثم يصارح أوديت بحبه ويتزوجها في النهاية بعد زوال اللعنة، في الفيلم هي نفس القصة ولكن أوديل هي أخت أوديت التؤام الشريرة (كلاهما تؤديه شخصية واحدة في المسرحية) التي تسرق الأمير منها وتجعله يقع في حبها، فتدرك البجعة البيضاء ذلك فتقرر الانتحار حتى تتحرر من اللعنة ومن حب الأمير.

رسم آرونوفسكي لوحته ببطولة ناتالي بورتمان بدور (نينا) راقصة البالية التي تعيش مع والدتها بمفردها وكل همها هو أن تأخذ دورًا كبيرًا في إحدى العروض بعد أربعة سنوات في الفرقة، تبدو فرصتها وشيكة بقدوم عرض جديد وتنحي البطلة القديمة، فرصة تتشبث بها نينا حتى تحصل عليها ومن هنا تبدأ المتاعب، هل سمعت يومًا عن الكمالية (Atelophobia)؟ هي سمة شخصية تتسم بكفاح الفرد لبلوغ الكمال ووضع معايير عالية جدًا للأداء، يصحبها تقييمات نقدية مبالغة للذات ومخاوف من تقييمات الغير (ويكيبيديا)، هذا بالضبط ما تعاني منه نينا، وهمها للكمال سرق منها فرصتها وسعادتها وجعلها تتوهم ما لا وجود له حتى أصيبت بما هو أكثر من ذلك، القصة الكلاسيكية تتكرر ولكن تلك المرة بشكل مختلف، جعلنا نعيش نفس القصة بنهايتها الفاجعة.

فيلم عبقري يقترب من الكمال بالفعل في كل تفاصيله، فهو لا زيادة فيه ولا نقصان، عبقرية خالصة من حيث الكتابة والإخراج، جائزة أوسكار لأداء ناتالي بورتمان الخرافي أقل ما يقال عنه أنه أفضل ما قدمت في تاريخها، لوحة فنية كلاسيكية حديثة تجعلك مستمتعًا لدرجة لا تشعر معها بما حولك طوال مدة الفيلم.

البجعة السوداء فيلم أنتج عام 2010 بطولة ناتالي بورتمان، ميلا كونيس وفنسينت كاسيل وإخراج دارين آرونوفسكي.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)