Watchmen.. روح جديدة لأفلام الأبطال الخارقين

0


Watchmen.. روح جديدة لأفلام الأبطال الخارقين


دعنى أخبرك قصة أي فيلم لأي بطل خارق، هي تسير كالتالي: في البدء يكون شخص عادي جدًا دون أي مشاكل ثم تحدث صدمة ما في حياته -أن يتعرض للعض بواسطة عنكبوت أو أن يقتل والداه في حادث مأساوي- ثم بشكل أو بأخر في فترة وجيزة يتحول إلى بطل ذو قدرات خارقة يحارب الجريمة التي تنتشر بشكل غير عادي كأنها انتظرت ظهوره وكأنه لا وجود لأي سلطة تنفيذيه سواه فلا شرطة ولا محققي عدل، ثم يظهر الشرير وهو شخص يقوم بالجريمة لمجرد الشر الخالص أو لصدمة حدثت له هو الآخر جعلته كذلك وكأن صدمات الحياة تحيلك خارقًا معظم الأوقات، ثم يبدأ الصراع الملئ بمشاهد الجرافيك بين الطيب والشرير لينتهي بفوز الشرير في البداية ولكنه يترك بطلنا لأنه نجم الفيلم ولا يمكن أن يموت وفي النهاية يفوز بطلنا الطيب الذي لا تشوبه شائبة حتى ولو ميزان القوى يصب في مصلحة الشرير ولكن الخير لابد أن ينتصر في النهاية.

حسنًا هذا هو الخط الدرامي لمعظم أفلام الأبطال الخارقين وبالطبع لو كان هناك أبطال خارقين في دنيانا لما سار الموضوع بهذه الطريقة، وكل فترة وأخرى يأتي أحد الأفلام ليكسر تابوة من التابوهات السالف ذكرها كثلاثية "The Dark Knight" مثلا التي أظهرت وبدقة طريقة تحول بروس واين المليونير إلى باتمان محارب الجريمة أو كا فيلم "Captain America: Civil War" الذي أنقلب فيه الأبطال بعضهم على بعض حيث نوعًا ما لم يوجد الشر المطلق بل هما بطلان طيبان يتحاربان سويًا -ولم يتحدا في النهاية لأن اسم والدتهما مارثا- لذلك ففي النهاية لابد أن يخسر واحد منهما، هذا خروج جيد عن النص ولكن ليس بالدرجة الكافية.

فيلمنا يأخذ القصة بعيدًا قليلًا عن وقت مجد الأبطال الخارقين، فالأشخاص في الفيلم كانوا أبطالًا يومًا ما ولكنهم اعتزلوا الحياة الليلية لأسباب مختلفة أبرزها إحتجاج الشرطة والناس على وجود أشخاص مقنَّعين يطبقون القانون حسب اهوائهم مما جعل أبطالنا يتركون أقنعتهم، منهم من عاش حياة طبيعية هادئة ومنهم من استمر في عمله متواريًا عن الأنظار ومنهم من قام بعمل مشروعات عدة لينسى حياته السابقة المثيرة، هذا فيلم يقتحم الأعماق النفسية للشخصيات ليس مجرد كونهم آلات محاربة للجريمة، يتحدث عن يأسهم وإحباطهم بسبب قتلهم لأشخاص أبرياء في الحرب والسلم، يتحدث عن الجانب البشري الخطّاء منهم وليس أنهم لا تشوبهم شائبة لأنهم أبطال بل بالعكس جميعنا نخطئ وجميعنا نصل للقاع يوم ما. 



هناك أحد الأسئلة الفلسفية الشهيرة التي تُطرح على الأشخاص وهي إذا رأيت أمامك سكتان للقطار واحدة منهما تعمل والأخرى معطلة، وعلى التي تعمل يلعب مجموعة من الأطفال وعلى المعطلة يلعب طفل واحد فقط، والقطار قادم بسرعته وبجانبك ذراع تغيير مسار القطار، فهل تضحي بالطفل الواحد على الرغم من أنه قام بالإختيار السليم وقام باللعب على السكة المعطلة، أم تضحي بمجموعة كبيرة من الأطفال في مقابل طفل وحيد فقط لأنهم قاموا بالإختيار الخطأ، وأيضًا مع العلم أنك إذا حركت اتجاه القطار للسكة المعطلة فأنت بذلك تجازف بحياة مئات الركاب ولن يموت الطفل بمفرده بل من الممكن موت العديد معه أيضًا، إختيار صعب أليس كذلك؟ والأصعب من ذلك أنك ستتحمل ذنب القتلى في كلتا الحالتين كونك من تتحكم في مصائرهم سواء بالسماح لهم بالعيش أو بقتلهم، وهنا يأتي السؤال الأهم الذي يطرحه الفيلم ويجعلك تتساءل في عقلك فترة طويلة حتى بعد مشاهدته، هل التضحية بالأقلية الجيدة أفضل من التضحية بالغالبية العَفِنة؟ 



هو فيلم فلسفي إذا ويستحق التأمل في كل مقولة من مقولاته وتنعكس بنسبة كبيرة على سياسات العديد من الدول وأولها الولايات المتحدة، مدمج مع ذلك إخراج عظيم من مخرج فيلم "300" وأداء جيد من معظم الشخصيات وقصة قوية مليئة بالصراعات الداخلية والخارجية ونهاية ملتوية غير متوقعة ستعبث في عقلك لفترة، وتُذكرك دائمًا بأن الصواب ليس واضحًا معظم الأوقات بل هو نسبي في أحيان كثيرة.

Watchmen هو فيلم أنتج سنة 2009 بطولة جاكي إيريل هالي، باتريك ويلسون وجيفري دين مورغان وإخراج زاك سنايدر.

ملحوظة: الإرشاد العائلي للفيلم: https://cringemdb.com/movie/watchmen-2009

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)