هل شاهدت الفيلم وشعرت بأنه بلا معنى وأنك لم تستوعب الكثير مما حدث؟ هل رأيت بعض الآراء تشكر في الفيلم وتقول بأنه من أفضل ما شاهدوه في حياتهم؟ إذا فأنت حتمًا فاتتك الفكرة لذلك فمرحبًا بك في شرح فيلم الأصليين.
في البداية يجب القول أننا هنا لن نتحدث عن أي تقييم للفيلم نحن فقط سنقوم بشرح القصة لمن شاهده ولم يفهمها لذلك فالكلام التالي هو حرق صريح للأحداث، إذا كنت لم تشاهده بعد أو تريد قراءة تقييم الفيلم فأنصح بالتوجه لمقالة الفيلم هنا
الفيلم مبنى على أساس جيد جدًا ولكن هناك بعض التفاصيل والثغرات الموجودة في القصة والتي وجب توضيحها من فريق العمل لذلك خرج الفيلم مبهمًا، دعني أقص لك ما شاهدته أو تعتقد أنك شاهدته، شاهدت سمير عليوة (ماجد الكدواني) وهو رب أسرة مكونة من أربع أفراد يُطرد من عمله في بنك مرموق ثم يتعرف على رشدي أباظة (خالد الصاوي) وهو فرد من جماعة الأصليين الذين يقومون بتجنيد سمير ليعمل معهم في مراقبة ثريا جلال (منة شلبي) ثم يتعلق بها سمير مما يؤدي ذلك لمعاقبته من قبل رشدي ثم النهاية الغير مفهومة والتي تجعلك تتساءل عن صحة كل ما سبق وهي برحيل سمير إلى الواحات وبناء مكان خالي تمامًا من التكنولوجيا مع استمرار رشدي في ملاحقته.
في البداية ما يجعلنا نتأكد أن القصة ليست كما تبدو ثلاث أسباب رئيسية:
1- قصة بهية المذكورة بكثرة في الأحداث والتي لابد لها من تفسير منطقي
2- جمل (خالد الصاوي) في بداية ونهاية الفيلم عن الدواجن
3- القصة بوضعها الحالي لا تعطي أي معنى ويصعب علينا تصديق أن أحمد مراد الروائي الكبير سيقدم هذا العبث
لذلك ومن خلال مشاهدتي للفيلم عدة مرات وقراءة عدة أخبار ومقالات خاصة به دعني أقدم لك تفسير الفيلم من وجهه نظري:
سمير عليوة هو شخص بدون شخصية تذكر، زوجته تتحكم فيه بشكل ملحوظ، ابناؤه يعاملونه بمنتهى الاحتقار بالإضافة إلى بطولته في شيء عبثي تمامًا وهو (البينج بونج) وهوايته البائسة هي تجميع الجرائد القديمة، المتحكم الأكبر في شخصية سمير ووصلها لحالها هي أمه (هناء الشوربجي) والتي فرضت عليه رياضة والده -والتي من الواضح كرهه لها- وأيضًا هي من فرضت عليه زوجته التي يكرهها أيضًا وربما تكن فرضت عليه وظيفته التي كانت أيضًا وظيفة والده، لذلك فهو الداجن الذي تحدث عنه (خالد الصاوي) مطلع الفيلم، تبدأ الأحداث بحدثين مهمين جدًا الأول هو طرد سمير من وظيفته والثاني هو مجيء مكالمه تخبره بأن سمساره وجد أعداد جرائد ثورة 1919، دعني أخبرك إذا ما حدث:
تزامن طرد سمير مع قدوم الجرائد مما جعله يخلق شخصية خيالية في عقلة وهي شخصية رشدي أباظة والواضح من الاسم انه ليس اسمًا حقيقيًا حتى ويستوحي فكرة المراقبة والتجسس والبطولة من قصص ثورة 1919 التي جاءت في الجرائد، ما يدعمنا في تلك القصة هو جمل (خالد الصاوي) نفسها والتي أكد أكثر من مرة فيها أنهم ليسوا منظمة ولا لهم أي أهداف خفية بل وعندما سأله سمير عن هل يتم مراقبة كل الناس جاءت الجملة "مفيش حد مبيتراقبش" وبعدها بقليل أضاف رشدي أن الفئة النشيطة في مصر حوالي 54 مليون فهل يعقل أن نجد العدد الكافي لمراقبة كل هؤلاء؟ ثم أضاف بأن كل شخص يجب أن يراقب نفسه، إذًا فإذا افترضنا أن رشدي بداخل عقل سمير سنجد أن الفيديوهات على الهاتف ما هي إلا ذكريات في عقل سمير بالإضافة إلى المعلومات التي يعرفها عنه تبدو منطقية باعتباره هو نفسه وآخر دليل والذي يبدو ضعيف قليلًا ولكنه منطقي هو بوستر الفيلم والذي فيه يختبئ رشدي خلف سمير كأنه في عقله هو و(محمد ممدوح) على عكس باقي الشخصيات، تريد بعض الأدلة الأخرى؟ حسنًا
عندما كان يتقابل كل من سمير ورشدي كانت دائمًا الناس تخاطب رشدي فقط وكأن سمير غير موجود بالمرة، وأول مرة تقابلا طلب رشدي من سمير خمس جنيهات ليعطيها لملمع الحذاء ثم قام رشدي بإرجاعها مرة أخرى في آخر اليوم، لذلك فالتفسير المنطقي هو وأن رشدي هو شخصية يطمح سمير أن يكونها وهي شخصية البطل المصري الذي يمنع الجريمة عن طريق التجسس على أعداء الوطن وأنهم حماة الوطن -ولاحظ معي الألفاظ المستوحاة من الجرائد هنا- الشخصية هنا ترتبط ارتباط كلي بشخصية بهية، فهما تقريبًا نفس الشخص، فقصة بهية بدون تفاصيل أنه كان يعتقد أنها بطلة وحاربت الاحتلال مع زوجها بينما هي في الحقيقة راقصة ولا تمت للشرف بصلة، هذا هو موقف رشدي والذي أعتقد سمير بأنه بطل ويحمي الوطن بينما هو في الحقيقة شخصية لا تمت لذلك بصلة بل لا وجود للبطولة في الموضوع أصلا كما في قصة بهية، دليلنا على ذلك هو ارتباط تواصل سمير برشدي بكلمة بهية بالإضافة لسماع سمير لقصة بهية المزيفة على يد رشدي في الأساس، دليل آخر هو بحث سمير عن رشدي أباظة قبل بحثه عن بهية في نهاية الفيلم، ربما تلك هي رسالة المخرج ليقول أنهم متصلين.
هناك عدة اسئلة لابد لها من إجابة الآن، من هي ثريا جلال وكيف وصل لها سمير، في الواقع للإجابة على تلك الأسئلة يجب علينا العودة لبداية الفيلم حيث جاءت مكالمة لسمير من شركة اتصالات تقول فيها أنهم سيقومون بتركيب كاميرات وأجهزة مراقبة في السيارات لحمايتها من السرقة ويطلب سمير الاشتراك معهم ولكن لم يحدث شيء من قبلهم لنهاية الفيلم، حسنًا تلك المكالمة ليست عبثية فتلك هي نفس الشركة التي أنضم لها سمير فهل عرفت إذا كيف استطاع سمير مراقبة عائلته وثريا؟ باستغلال سلطته كعامل في الشركة فهو يستطيع الدخول لأي قاعدة بيانات للمستخدمين، هنا يجب علينا الإشارة إلى أن شهادات سمير وتعليمه كمهندس اتصالات هم رسميين 100% كما قال له رشدي، فهو في الأصل مهندس اتصالات ولكنه عمل في البنك فقط بسبب والدته، و(محمد ممدوح) والغرفة الحمراء هم فقط من وحي خياله وغير موجودين في الواقع وظهر ذلك في مدى عبثية الجمل بين سمير و(محمد ممدوح) عن عدم الأكل في الغرفة وحساسية الأجهزة إلخ.
تبقى فقط تفسير النهاية والتي يصاحبها ظهور رشدي مرة أخرى بعد اختفاؤه لفترة، وهذا له تفسير جيد للغاية، سمير قام بافتتاح قريته وطلّق زوجته وبدأ يكون شخصيته المستقلة، ولكنه عندما قابل ثريا في المطار أراد أن يثير اهتمامها فهو معجب بها في المقام الأول لذلك ذكر قريته وذكر حبه للفراعنة واللوتس الأزرق، ومن حديثه بدأت شخصية البطل الداخلية وهي رشدي تظهر مجددًا في سمير كأنه سيعود بطلًا مرة أخرى كما كان وهذا ليثير إعجاب ثريا، أكد على ذلك الجملة الختامية للفيلم وهي:
"والدواجن في مرحلة من عمرها.. بتتصاب بداء بيجلها مرة واحدة في العمر.. داء بتفتكر فيه للحظة انها هتنجح في الهروب من المزرعة.. المزرعة اللي أصلا ملهاش سور"
معنى تلك الجملة بعد التفسير يبدو منطقيًا بأن الداجن (سمير) جاءت عليه فترة وهي الفيلم والتي اعتقد فيها انه سيهرب من حياته الداجنة ويصبح بطلًا بينما أصلا لا وجود للبطولة، هذا هو تفسير الفيلم من وجهه نظري ومن لدية أي تعليقات أو وجهات نظر أخرى لا تتردد في مشاركتها.