الأصليين.. الحلو ميكملش
عندما علمت أنه سيكون هناك تعاون مشترك للمرة الثانية بين المبدعين أحمد مراد ومروان حامد بعد الفيل الأزرق لم أستطع إخفاء حماستي، فأحمد مراد برأيي الشخصى من أفضل الكُتاب في عصرنا الحالي، أتفقنا أو اختلفنا مع لغوياته وقوتها ولكن أحداثه دائمًا ما تكون مثيرة ومشوقة، عندما يتعاون هذا مع مخرج من أفضل المخرجين المصريين ربما في التاريخ وهو مروان حامد صاحب ملاحم سينمائية سابقة أمثال إبراهيم الأبيض وعمارة يعقوبيان تعلم أنك أمام تحفة سنيمائية قادمة بلا شك، البوستر التشويقي الأول لم يعلن أكثر من ذلك، هذا فيلم كتابة أحمد مراد وإخراج مروان حامد وبوستر أسود تتوسطه عين حمراء لا تشي بأي شيء لذلك وصل التشويق قمته.
بعد البوستر الأول جاءت باقي الأخبار، هذا فيلم تم اختيار ممثليه بعناية من نخبة ممثلي الفترة الحالية، أول بطولة مطلقة لأفضل ممثل في مصر حاليًا -من وجهة نظري- ماجد الكدواني، يشاركه البطولة الكبيران خالد الصاوي ومنة شلبي، مع أدوار أخرى لكل من محمد ممدوح "تايسون" وكنده علوش، فريق تمثيل قوي جدًا لم يجمعهم أي عمل من قبل، معظم صور التصوير يظهر بها الثنائي خالد الصاوي وماجد الكدواني مما يشي بقوة الديالوجات في السيناريو نظرًا لقوة الممثلين الكبيرة، صدور بوستر تشويقي غريب آخر واقتراب صدور الفيلم في صالات السينما والإنتظار على أشُده الآن.
منذ اللحظة الأولى لن يغب عن ناظريك كادرات مروان المميزة ولا موسيقى هشام نزية العظيمة التي تشي بعظمة ما انت مقبل عليه، ولكن ما حدث بعد ذلك ما هو إلا خيبة أمل كبيرة، دعني أخبرك أولًا الفرق بين جودة الشيء وبين سلامته، سلامة الإخراج بأن تنتقي رؤية للفيلم تنتقل بشكل سلس للمتلقي وتثير حواسه والجودة في الإخراج هي اختيار كادرات عظيمة ورؤية مميزة جديدة على أعمالنا الفنية مما يجعل الإخراج جيدًا جدًا وهذا ما فعله مروان حامد بكفاءة، سلامة التمثيل هي أن تؤدي جملك بإحساس خالص وأن تخلع ثوب نفسك الحقيقية وترتدي ثوب الشخصية التي تمثلها والجودة في التمثيل هي أن تجعلني اتأثر بتأثرك كأن أحزن لحزنك وأفرح لفرحك وما شابة فأنت هكذا نقلت لي حالة الشخصية بمنتهى المصداقية كما فعل معظم فريق عمل الفيلم، نفس النظام ينطبق على الموسيقى الجميلة جدًا ولكن نأتي للسيناريو وهنا لنا وقفة.
أحمد مراد بنى قصة محكمة ولكنه تركنا في منتصف الطريق دون إكمالها! كأنه يقول هل فهمت شيئًا حتى الآن من القصة؟ إذا كان جوابك لا فللآسف الفيلم سينتهى الآن وستُترك لتساؤلاتك وعدم فهمك أما إذا كانت إجابتك بنعم فهنيئًا لك فأنت قد استمتعت بالعرض، لكي أكتب هذا المقال توجب علي مشاهدة الفيلم مرتين وقراءة تفسيرات عديدة له على الإنترنت حتى أستطيع استيعاب القصة، شىء جيد أن تترك مشاهديك محتارين لبعض الوقت داخل القصة ولكن يجب أن ينجلي كل شيء في النهاية لذلك فهي تسمى بلحظة التجلي، فأنت بتركك القصة غير مفهومة فأنت بذلك تخسر مشاهدينك الذين سيخرجون يتحدثون عن أنهم أضاعوا ساعتين من عمرهم في شيء غير مفهوم! بالإضافة إلا أن التفسيرات تختلف من شخص لآخر وهذا فشل منك في عدم إيضاح معالم القصة، لذلك جاءت ردود الفعل الأولية للفيلم سيئة للغاية وخسر الفيلم سباق شباك التذاكر أمام أفلام أقل منه كثيرًا وذلك لأن الإنسان يكره ما لا فهم له به، فلا يجب أن نصنع أفلامًا لها "كتالوج" للفهم أو أن تعتمد على مقالات مستقلة لتوضيح الفكرة! يجب أن تبرز كل ذلك على الشاشة ويجب أن تصل فكرتك إلى كل مشاهد وإلا ستكون قد خسرت الكثير، هناك العديد من الأفلام الشهيرة بالـMind Fucking والتي يفرقها عنك هو أنها كلها تقدم تفسير الفكرة في النهاية ولكنك لم تفعل ذلك! بل تركتنا محتارين وانتهيت ونحن حتى الآن لا نعرف ما هو التفسير الحقيقي للقصة.
ولكن ثغرات القصة لا تقلل أبدًا من المجهود الواضح في باقي جوانب الفيلم ويظل من أفضل الأفلام العربية في العشر سنوات الأخيرة ولكن دائمًا الحلو ميكملش.
ولكن ثغرات القصة لا تقلل أبدًا من المجهود الواضح في باقي جوانب الفيلم ويظل من أفضل الأفلام العربية في العشر سنوات الأخيرة ولكن دائمًا الحلو ميكملش.